الاثنين، سبتمبر 16، 2013

رأيي في اعتصام المترو (وما يشابهه من أفكار)



تعودت أن أقيِّم الأمور بنتجائها، فتكون الإجابة على سؤال: ما المرجو؟ هي الفيصَل - نوعًا ما - فيما أنوي فعله، ومن هنا فإنه ومع كل فعالية تمُر بها الثورة أسأل نفسي هذا السؤال: ما المرجو من هذه الفعالية؟ لماذا؟ وأستنتج من هنا قرارًا قد يحتمل الصواب وقد يحتمل الخطأ.

بخصوص اعتصام المترو، فالفكرة - حسبما فهمت - كانت تعتمد على الآتي:

- ازدحام شديد جدًا بالمترو يترتب عليه شلل عليه مروري على سطح الأرض.
- ربكة في خط المترو، خسائر لشركة إدارة المترو.
- تعسيف لحركة المواطنين الطبيعية،

وكان الهدف النبيل من ذلك هو:

- شل البلد،
- التأثير سلبًا في الاقتصاد،
- انهيار الحُكم (أي الانقلاب).

بالتأكيد لم يخطط أصحاب الفكرة أن يكون يوم اعتصام المترو هو الذي سيقضي على الانقلاب ولكن لعلهم فكروا أنها خطوة على طريق إسقاط الانقلاب.

***

ما شغل تفكيري هو أن عقلي رفض الاقتناع أن مثل هذا التصرف سيؤثر سلبًا على استقرار الحكم للانقلابيين، يعني هب أن الاعتصام قد نجح وشُلت بالفعل حركة المرور وانهار المترو والاقتصاد كذلك، كيف سيؤدي ذلك بأي سبيل إلى زعزعة حكم الانقلابيين؟ بل على العكس أرى أن الفكرة ستشد من عضدِهم وتثبت لدى العامة أننا ننشُدُ هدمًا لا بناءً، فضلًا عن أن الهدمَ الذي ننشُدُه لا يأتي في سبيل إقامة بناءٍ عادلٍ فيما بعد. لأن الحكاية لا تتعدى تضييق على مصالح العامة لن يُمَس بسببه أصحاب الانقلاب.

سيظل الحكم في مخلب الانقلابي حتى لو انهار الاقتصاد بكاملِه، ولن يؤدي انهيار الاقتصاد إلى انتفاضة الكتلة الصامتة المؤيدة باطنًا لحكم الجيش، لأنه في قرارة نفسِها هي تعلم أن سبب زعزعة الحكم هو تصرفات "الإخوان" لا حكم الجيش، فضلًا عن أن الزن على الأذن أمر من السِحر، فعلى الرغم من الفشل الاقتصادي لحكومة البِبلاوي حتى الآن - بسبب السياسات الحاقنة العاجلة لا بسبب مسيرات مناهضي الانقلاب - إلا أن المواطن العادي لا ينسب الفشل إليهم، بل يصدقهم في كل ما يقولونه بواسطة أبواقهم الكاذبة عن إرهاب الإرهابيين في سيناء وعن بطولات الجيش العرمرم في صد هذا الإرهاب في حين أن حقيقة ما يحدث من سيناء - بحسب ما يصلنا من المراسلين المستقلين هناك - أن الجماعات الجهادية التكفيرية الحقيقية لا يمسُها السوء بينما يضارّ أهالي سيناء الذين لا ناقة لهم ولا جمل مما يحدث.. المواطن العادي لا يعرف ذلك: المواطن العادي يصدق إعلام الجيش مهما قال له، حتى أن قطاعًا واسعًا منهم صدقوا وجود السلاح الكيماوي في رابعة وقت الاعتصام..

حسنًا، نحن لا ننشُدُ المواطن العادي فهؤلاء لا تُقام عليهم الثورة..

إذًا، ما المرجو من الفكرة؟

إذا كان كيان الحكم الانقلابي لن يهتز، وإذا كان الإعلام سيسوِّق للفكرة أنك تتعمد إيذاء الوطن، وإذا كان المواطن العادي لن يستجيب إليك لأنك ضيَّقت عليه حركته الطبيعية في اليوم، وإذا كانت الفكرة لا تسوِّق لنفسها إعلاميًا - لأنها اعتمدت على كتم الهتافات المعادية للانقلاب والاعتماد فقط على محاولة شل حركة المرور - فما المرجو إذًا من مثلِ هذه الأفكار؟

نفس الكلام عندي ينطبق على فكرة: "العصيان المدني" أو "الاضراب"،

رأيي أنه إذا لم يكن لديك زخم شعبي ورغبة حقيقية في العصيان المدني فإن ما تفعله لا ينتج شيئًا غير تعريض الفئة المناهضة للانقلاب إلى الخطرِ البيِّن، لأنه سيُحصروا بدقة وقتها، دعنا نتذكر إضراب السادس إبريل في العام 2008 وقت حكم مبارك وقت أن كان جُل الشعب المصري يلعن السرقة والفساد، وقتها: على المستوى العام، فشل الإضراب.

أعلم، أن إضراب 6 إبريل سمَّع بقوة في ثورة يناير فيما بعد، ولكن للأسف: الحال غير الحال الآن، لأنه علينا الاعتراف أن الشعب المصري منشق، ليس الكل مع الانقلاب طبعًا، ولكن قطاعًا كبيرًا منه كفر بالثورة وبالحرية ومنهم من كفر بالكرامة الإنسانية، وبالتالي: فإن صدى الإضراب أو العصيان المدني اليوم لن يلِجَ بنا إلى إنهيار لنظام حكم الاستبداد الحالي، وإنما سنضيِّق الأمرَ علينا - كرافضين للانقلاب - أكثر وأكثر، وسيعلو نجم الاستبداد والقمع أكثر فأكثر.

ختامًا أقول أن هذا اجتهادي، يحتمل الصواب ويحتمل الخطأ، وأسأل الله تعالى أن يهدينا الحق ويرزقنا اتباعه إنه وليُ ذلك والقادر عليه.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق