الخميس، نوفمبر 21، 2013

العدل والقانون!

ذاع أمر الجريمة فوصل للحي كله، وعلم الجميع بما حدث أمس من الشقيّ.. إذ تجرَّد من كل ما لديه من إنسانية - أو ما اتصل بالإنسانية - وخطف الطفلة ذات الست سنوات وصعد بها إلى سطح العمارة، فأراد أن يغتصبَها في غفلةٍ من أهلها، فأبت وصرخت، فغلى الدمُ في عروقه وسَرَت النار فيه، فعمد أن يغصبها على فِعلَتِه بعنف أكثر وأكثر حتى فدفعها من أعلى السطح فوقعت على الأسفلت قتيلة.

ورآها أهلها بعد ذلك فبكوْا وانتحبوا، ولما عرفوا أنه هو الذي قام بفعلته هذه قدموا فيه بلاغًا للقسم ليقتصوا منه جزاء جريمته الشنعاء، ولأن الشرطة لم تجد ما يثبت بالدليل القاطع والقرينة الواضحة ما يدين المجرم على فعلته، ولأن أهل الحي آثروا السلامة عن أن يشهدوا بما رأوْه.. خرج المجرم من القضية ولم يُصِبْه أي مكروه!

وبكى أهل الطفلة بكاءً حتى ابيضَّت عينا والد الطفلة، وانتحبت الأم عويلًا.. فلم ينتصر لابنتهم أحد، ولم يقتصوا لها.. والمجرم يسير في الحارة مطمئنًا، فأهلها جبنوا أن يتعرضوا له، فهو البلطجي ابن البلطجي الذي طالما يذيقهم المُر، هو وصُحبته فُتُوَّات الحيّ.

حتى جاء أخو الطفلة وقد شَدَّ بُنيانَه وتفتَّقَت عضلاته، تنظر في عينيه فترى الشَّرار يتناثَرُ منها، انطلق إلى حيث يجلس هذا الشقيّ فتملَّكَه بيدٍ واحدةٍ - أمام أصحابه الذين لم ينطقوا ولم يتحركوا لينصروا زميل حيوانيَّتَهم لهوْل ما عاينوه - ثم رمى به إلى حائط المكان، فأخرج من جيبه مسمار فدكَّه في يدِ المُجرم وثبَّتها به في الحائط، وكذلك فعل في يدِه الأخرى، ثم تناول رقبته فخنقه حتى كاد أن يُصْرَعَ في يدِه، فأبى أن تكونَ نهايته بهذه السرعة، فأتى بمنشارٍ فنشَرَ به رِجْلَه، فانفجر الدم من قدميْه، ثم علا بالمنشار فقطع به من فخذِه، فانفجر بركانٌ من الدم، ثم قطع ذكره.. ورغم صرخات المُجرم واستغاثته لأصحابه إلا أن أصحابه أبوْا أن ينصروه.

فقد كانوا ينظرون إلى وحشِ كاسرٍ نظرة عينيه وحدها كفيلة أن تصرُعَهم مكانهم، إنهم لا يعرفونه على الرغم من أنهم يعرفونه! إنه شخصٌ آخر غير الذي اعتادوا أن يمروا عليه يسخرون منه كل يوم.. حوَّله دافع الانتقام وغياب العدالة والقِصاص إلى شخص غير الذي يعرفونه تمامًا.. كأنه أضخم بكثير، وأقوى بكثير.. من خوفِهم منه لم يستطيعوا حتى أن يهربوا منه! 

وبينما كان المجرم يلفظ أنفاسه، مسك أخو البنت برقبته وضغط عليها فقال له: "إن كان لي أن أفعل فعلتي هذه مئة مرَّة، وفي كل مرة أرى في وجهِك علامات الفزع والصَّرَع والخوف والقُرب من الموت لفعلت.. إني في غاية السعادة أن أراك في هذه الصورة، فلست إلا كَلْبًا عقورًا لا تَمُت للإنسانية بصِلة! وإن كان لي أن أفعل ذلك بكل من تركك تُعَرْبِد في البلاد هكذا لفعلت وأنا مُرتاح الضمير، حتى وإن لاقيْت عقاب القتلِ في سبيل ذلك".

فلما مات المُجرِم تركه والتفت لأهل الحي الذين أتوْا من كل حدبٍ وصوب يشاهدون المجرِمَ وهو يموت فقال لهم: "إنكم قومَ بؤسِ وُلِيَ عليْكُم من هو منكم لا يهتم لشأنِكم ولا يعنيه أن تُزْهَق أرواحُكُم كلكم في غير ما يحل لها. ولئن وُليتُ عليكم لأحْكُمنَّكم بالحديدِ والنار حتى أقتص من كل فذ منكم إلى من استضعفه، ولا تعنيني قوانينُكم الحمقاء التي تكتبونها في الكتب وتدرسونها لأنفسِكم، فإن مداري العدل والعدل فقط!"

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق