الأحد، يونيو 26، 2016

رسائل - (6)

يا أيها الناس أنتم الفقراء إلى الله، والله هو الغني الحميد..
إن يشأ يذهبكم ويأتِ بخلقٍ جديد،
وما ذلك على الله بعزيز. ~ سورة فاطِر.

---

قد يظن الإنسان أن سر السعادة والرضا لديه أن يستشعر أن بيده مقاليد أموره كلها، فلا يطمئن قلبه إلا وإحساس السيطرة على مجريات حياته حاصل، فتراه يصع لنفسه هدفًا ليلهث وراءه ظنًا منه أنه بالوصول إليه ستسقر نفسه وتسعد، فقد يكون هذا الهدف رصيدًا كبيرًا في البنك، أو زواج عياله، أو منصب كبير له نفوذ على الخلق.. 

ولكن الحقيقة أنه سيظل يلهث ويلهث وراء هذه الأهداف التي صنعها لنفسه، ولن يهدأ باله حتى يموت، وقتها سيعرف يقينًا أنه أضاع حياته فيما لا طائل من ورائه لآخرته،وسيرى وقتها الأمور بموازينها الحقيقية، لا غبار عليها.. "فبصرُك اليوم حديد".

يغوص في هذه الدنيا لأنه يعتقد كذبًا وافتراءً أو وهمًا، أنه يحتاج لنفسه، أنه هو القوة المحركة لمصيره، غير أن الحقيقة خلاف ذلك تمامًا، فإن الفاعل الأوحد لكل شئ في الأكوان كلها هو الله سبحانه وتعالى، وكل موجود في هذا الكون هو مفتقرٌ إلى الله جل وعلا في كل لحظة، نعيش في هذه الدنيا به سبحانه وتعالى لا بفطنتنا أو بجهودنا أو بكفاحنا في هذه الحياة.

إن الله هو الغني، وحده يتفرد بهذه الصفة على إطلاقها، أما نحن فكلنا فقراء له، وإن اتصف بعضنا بالغنى فهو نسبة لغيره، أما بالنسبة لله فكلنا فقراء إليه، لا نستغنى عنه أبدًا، لا يدخل إلينا نفسٌ أو يخرج إلا بأمره، لا ينبض قلب أحدُنا إلا بإذنه، له مقاليد الأمور، هو الغني الحميد.

لا يجب عليه شئ، إن شاء أذهبنا وأتى بخلق جديد يسبحون بحمده ويشكرون له، وما أيسر ذلك على الله. فعلينا أن ننتبه لهذه الحقيقة، ويُسلم أمره لمالك الملك، وقتها يمُن الله عليه بلذة الطاعة، فإذا ما ارتقى العبد في الطاعة العبودية لله، لعل الله يمُن عليه من أنوار حكمته فيعلمه من خبايا الأمور وحكمتها ما لا يعلمه غيره من عوام الناس. 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق