الاثنين، أكتوبر 24، 2016

في البحث والاختيار :)


تنبيه أول:

هذا المنشور ليس منشورًا استشاريًا عاطفيًا رومانسيًا، ولا هو من عينة "دليل الحزين في اختيار رفيقة عمره التنين" ولا أي شئ من هذا القبيل.

تنبيه ثاني:

كاتب المنشور لا يوصَف بالخبرة في التعامل مع البنات/الآنسات/العرايس ولا هو خبير في الوساطة فيما يخص هذا الموضوع وهو كما هو واضح للقاصي والداني أبسط ما يكون في هذا الصدد.

مقدمة:

هذا المنشور يهدف لاتساق الإنسان مع نفسه، وصدقه معها. وذلك لقناعته التامة أن هذا الأمر هو مربط الفرس وأساس التقدم أو الضياع للإنسان. وهو نقطة الانطلاق التي تجعلك تتصالح مع نفسك ومع الأشياء.

-----

اقتضت حكمة الله سبحانه وتعالى أن يضطر الإنسان خلال حياته أن يبحث ويختار ويتخذ القرارات. ينعكس ذلك على محطات حياته كـ: اختيار الدراسة، اختيار الصحبة (أحيانا)، اختيار شغله (أحيانا كذلك)، واختيار شريكة حياته.

فمن الآخر كده، مفيش مفر. ربنا سبحانه وتعالى أعطاك العقل، مش هينفع تجنبه - للأسف الحقيقة - فعليك أن تعمله كما ينبغي لتحسن الاختيار قدر الإمكان وتمضي قُدُما.

طبيعي لما بتفكر تختار شريك حياتك إنك بتشوف الأنسب لك. الشخص اللي العِشرة معاه هتبقى سهلة. وفي وقت الخلاف - اللي طبيعي لازم يحصل بين أي اثنين طبيعيين - بيتم التعامل بحكمة وشياكة واحترام.

الفكرة بقى إن اللي بيحصل غير كده. اللي بيحصل إن الشخص بيشوف اختيار الزوجة ده زي اختيار الشغلانة اللي هيشتغلها، زي اختيار الشقة اللي هيسكن فيها. عايز يشوف أكبر قدر من المميزات فيها. فبيتحرى ويتقصى وبيعمل استطلاعاته في الخلق اللي حواليه بناءً على كده. مش بناءً على تآلف وتكامل الشخصية دي معاه.

فيقول لك إيه بقى: أنا عايز واحدة تكون حلوة - عشان القبول الشكلي طبعا يا جماعة مفيش مشكلة، هتحرموا علينا حياتنا - وتكون متربية وشخصيتها قوية وذكية ومتدينة طبعا. يعني لازم تكون واخدة كام مستوى كده في الفقه ولا حاجة. ويكون علامها مناسب لي اجتماعيا - اللي هو إيه مش عارف -. وتكون بنت ناس ومستواها المادي والاجتماعي عالي. وتكون طيبة. وتكون لذيذة وفرفوشة عشان أنا ماحبش الست النكدية. وتكون محافظة على صحتها ورشاقتها. وتكون ست بيت معتبرة تعرف تطبخ وتدير البيت. وتكون تعرف تربي عشان أولادنا يا جماعة. وتكون صبورة. وتستوعبني وأنا متعصب - بس أنا مش لازم عادي. ويكون لها رأي مفيش مشكلة. بس تسمع كلامي. عشان القوامة يا جماعة. ويكون عندها طموح. بس بيتها ما يتهزش شعرة. وهكذا.

أولا: من حقك تحلم. يا سلام. يعني هو الحلم بفلوس. مفيش مشكلة. وهل يعني مستحيل يتواجد الصفات دي كلها في بنت؟ لا مش مستحيل. يجوز عقلا يعني مفيش مشكلة. بس القصة مش في كده، القصة فيما يلي (من وجهة نظر العبد الفقير إلى الله):

- ما تشوف حالك الأول؟ والله ما بعايرك. أنت ممكن تكون كويس. بس ضروري تشوف نفسك أنت فين؟ يا ترى حالك مع الله عامل إزاي؟ يا ترى أنت كشخصية ككيان كجثة كده عامل إيه في الدنيا؟

- أحيانا كتيرة جدا بيحصل تناقض عجيب في الاختيارات. يعني الشخص من دول يبقى عايز واحدة: شخصيتها قوية، وصاحبة رأي، ولها أثرها الإيجابي في المجتمع، ومستقلة برأيها وتعرف تعتمد على نفسها بالكامل. بس في نفس الوقت مطيعة ورأيها صفر جنب رأيه. وما ينفعش تعارضه في اللي هو شايفه صح. اختيارات البيت هي اختياراته هو. هي منفذ بس. طب إزاي يا بني؟! ما هو بالعقل! أنت واخدها إنسانة حرة، لها رأي، ما تقتنعش غير بالنقاش. لها باع برة البيت. بأمارة إيه عايزها معاك أنت تسلب كل قوتها دي وتسمع الكلام وتلغي شخصيتها تماما؟! ده مش عدل. أنت كده مش عايز واحدة بالمواصفات دي. أنت عايز واحدة مطيعة أكتر منها صاحبة رأي وعندها نديَّة.

- من التناقض ده برضو، واللي في نظري بيوحي بخلل في شخصية الرجل: إنه يبقى عايز واحدة متدينة وكل حاجة، بس تديُنها ده يبقى ييجي بعد الزواج واحدة واحدة. إنما قبل كده، بيبني اختياره على البنت الـ showy بمعنى اللي بتكون ظاهرة وسط الناس أو بتتعمد تظهر نفسها وسط الناس إما بجمالها أو بسلوكها. السؤال هنا: أنت عايز إيه؟ عايز تصاحب ولا عايز تتزوج؟ ولا عايز تصاحب وتعيش المراهقة اللي مجتلكش فرصة تعيشها وأنت مراهق بس لما تتزوج ما تخرجش عن الإطار اللي أهلك معيشينك فيه؟ دي مأساة والله. وكتير من الزيجات بتتفركش بسبب الأفكار الغير منطقية وفي رأيي مش أخلاقية بالمرة دي. ده بيعبر عن التشوه اللي حصل في المجتمع. والفتنة اللي وقعنا فيها. وعدم الاتساق مع النفس والصدق معها. اللي يخليك متأثر بشدة بالزخرفة والهالة الضخمة اللي حوالين الغلط والافتتان بها وفي نفس الوقت أنت مُرغم ومزنوق في "العادات" و"التقاليد" اللي أهلك عودوك عليها. ما بيكونش الدافع الدين على فكرة. لأن لو الدافع الدين، كمان زمانه أثر عليك في كل الاختيار. وأرجع وأقول هنا نقطة مهمة جدًا: الدين وضع لك إطار مهم ودليل إزاي الزواج ينجح وإزاي معيار اختيارك يكون صح. إطار بس. تمام؟ مش أدق التفاصيل. يعني الدين مقالكش اختيار شخصية زوجتك تبقى كذا، ولا قال إنها لازم تكون بتدرس علم شرعي مثلا، ولا قال إنها لازم تكون على مقاسك في الشعائر اللي بتؤديها. ده زواج يعني تآلف بين اثنين. والله الاثنين دول ارتضوا إن مواصفاتهم لبعض تكون بشكل معين فبها ونعمت، ملكش إنك تحكم عليهم إن اختيارهم ده موافق للشرع ولا لأ.

إحنا بنصعب الحياة على نفسنا في كل حاجة. في الأكل والشرب والشغل والعيشة والزواج. بعيدًا عن صعوبات الزواج المتعلقة بمغالاة الأهالي. اختيارات الأشخاص نفسهم بتصعَّب الأمور عليهم جدًا. وبتكرههم في الزواج واللي بيتزوجوا. فـ ليه؟

خليك نفسك والله ده أبرك مليون مرة من إنك تعيش عيشة مش عيشتك وتلون نفسك بلون ناس تانية عشان المجتمع بيقول كده مش عشان الدين والقيم.

والله من وراء القصد.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق