انفصلت جنوب السودان عن السودان في يوليو ٢٠١١، تنفيذًا لنتايج الاستفتاء اللي اتفق عليه حكام الشمال والجنوب إنه يُقام بعد ست سنوات من قعدتهم الأخيرة اللي قرروا بها حسم الصراع وعشان كل حي يروح لحاله.
جنوب السودان كانت مُهملة للغاية من حكومة السودان، مفيش تنمية ولا عيشة عِدلة ولا تعليم ولا أي حاجة.. كأنهم كانوا في عصر زمني غير اللي كان فيه الشمال. حتى جامعات الشمال مكنتش بتفتح أبوابها لسكان الجنوب زي الشمال، التعامل مع الجنوب كان من الأول إنهم بلد تانية ناس مش شبهنا ولا يشبهونا ويمكن كمان عالة علينا.
بينما الجنوب فيه بترول، وكان ممكن الأمور تُدار بشئ من العدل يحفظ للجميع كرامته والسودان يفضل سودان مستفيد من ثرواته في الشمال وفي الجنوب والخير يعم على الكل. إنما الإرادة السياسية مكنتش كده والكل كان بيدفع في اتجاه الانفصال.
بينما العرب اللي بيصرفوا فلوسهم يمين وشمال على المرقعة مكنش لفلوسهم للأسف حضور لحل الصراع ده. الناس في الجنوب لو كان انصرف عليهم وحلينا مشاكلهم كانوا رضوا بالبقاء مع السودان دولة واحدة واستفادوا منها وما دخلوش في الهمّ اللي هم فيه حاليا من حروب أهلية وفقر وضحالة في شتى المجالات على المستوى الدولي. أول ما استقلوا اتقتل جون غرنغ قائدهم في حادث لطيارته الهليكوبتر الخاصة وتولى نائبه رئاسة الدولة الوليدة وفضل حال القبائل على ما هو عليه ودبَّحوا في بعض في حرب أهلية والشمال طبعا في السلكان ولا يفرقوا معاه إياكش يولعوا في بعض، والحقيقة إنهم ما صدقوا خِلصوا منهم خصوصًا إنهم ما بيشتركوش معاهم في العربية ولا في الديانة. زِد على ذلك كون جنوب السودان الوليدة دولة حبيسة مالهاش مينا ع البحر خلاهم غصب عنهم عشان يستفيدوا من البترول لازم يعتمدوا على الشمال في التصدير من بورسودان ده غير إنهم مضطرين طبعا يسيبوا نفسهم غنيمة لشركات البترول اللي معاها العلوم والفنيات اللي تعرف تستخرج بها البترول ده.
فاختصارا منطقة في جنوب دولة عربية انفصلت عشان الدولة العربية دي مش فارق معاها أهلها ولا وحدة أراضيها ولا تغوُل العدو بأطماعه فيها.. فتركوها محدش يسأل فيها، والدول العربية الغنية اللي كان ممكن بفلوسها توقف الصراع وتساعد عملت نفسها ولا كأنها هنا وتفرّغت في صرف فلوسها على صراعات إقليمية تانية أو على الهلس والهانتي كانتي.
سيناريو التقسيم موجود وعندنا في بلادنا العربية اتعمل في غير مكان، وفيه دول أُنشئت في الأساس لأهداف سياسية وخدمة لمصالح المستعمر القديم مش عشان فيه حضارة وناس هنا عايشة من قديم ولهم صفة معينة حابين يستقلوا بها. سيناريو التقسيم بيحصل عشان نحل به مشاكل، مش بقول إننا العرب الوحيدين اللي بنتقسم، لكن بقول إن ثبت قصاد عينينا إن لما بنتقسم بنضعف، ومع ذلك ما بيكونش فيه أي محاولات جدية لحل الصراعات السياسية في بلادنا لأنه الدافع بيكون نفعية للسياسيين الحاكمين والقوى الكبرى وبس.
الله أعلم، بعد تطورات ليبيا الأخيرة وارد جدًا نشوف سيناريو تقسيم يقسم ليبيا نُصين شرق وغرب تبعًا لشكل الصراع الموجود، وبما يرضي أطراف الصراع اللي هي مش ليبية أصلا، آخذين في الاعتبار إن الأحداث دلوقتي أسرع، فاللي كان بيحصل في ست سنين يحصل دلوقتي في ست أشهر، خصوصًا وأن نزعة وحدة الأرض والحفاظ عليها ونبذ الفرقة بيننا كانت موضة وبطلت، والأسوأ إنها بطلت في نفوس الناس مش في سياسات الحكومات فقط.
----
التقسيم بيحصل أما بيستحيل إن طرفي الصراع يبقوا عايشين مع بعض تحت دولة واحدة.
يعني الاتنين مش هيبقوا باقيين على بعض، كل واحد راح لحاله وبيشوف مصلحته.
في نظري، إن وقتها تدخل أطراف عدائية للتعاون مع دولة منهم للاستقواء على التانية هيكون سهل جدًا، خصوصا أما يبقى الطرفين مش ناضجين كفاية فيفهموا إن مهما حصل مصالحهم هتفضل مرتبطة ببعض.
عودة على نموذج جنوب السودان: الشمال ما بيحاولش يساعد وإياكش يولعوا في بعض في حربهم الأهلية وهياخدوا إتاوة على مد أنابيب البترول من خلالهم لو حصل، دلوقتي لو جه طرف خارجي عايز ينال من السودان كلها سهل جدًا يخش من الجنوب فينغنغهم ويشوف يحط على الشمال إزاي يبني سد ولا ينيل اللي ينيله معرفش. بينما لو كان سودان واحد الكل عايش فيه "بالعدل" والكل مستفيد من ثرواته مش هيبقى فيه فرصة لكده.
هل كلامي مُطلق؟ بالتأكيد لا، وارد يحصل نموذج التقسيم ده وينجح.. بس في نظري مع طبيعة بلادنا العربية ما بيمشيش.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق