الاثنين، مايو 07، 2012

خواطر تنفيسية


دائمًا في الإصلاح الدعوي المنجى والطريق للتنمية والتقدم وحسن الأخلاق، والإصلاح الدعوي هنا يشمل الدعوة الدينية من حث على العبادات وإحسان المعاملات والدعوة العملية من اتقان للعمل، والتقسيم هنا في رأيي لا يجوز، لأني أرى أن الإصلاح الدعوي الديني واحد، فلا يعد ذلك انفصامًا للشخصية..

وبالتالي فكل دعوة نتجت من حركة، جماعة، تنظيم هدفت لإصلاح مصر، أو الأمة.. أو العالم أجد نفسي مؤيّدًا لها وداعمًا لها إن استطعت بأيّ وسيلة..

وأرى أنه لا يجب التهوين بأي حال من الأحوال من أي مباردة هدفها الإصلاح بوجه عام..

إلا أني من منطلق الثورة، قد تكون لي حسابات -في الغالب- تنظر للأمور من وجهة مختلفة نوعًا ما.. والاختلاف ليس دومًا تفرّدًا، ولا هو على سبيل الإطلاق نظرة موضوعيّة.. بمعنى أنه في كثير من الأحوال قد يتطلب الأمر تصرفًا ثوريًا شجاعًا يضع كثير من الموازين في أقل من معيارها المتعارف عليه، وفي نفس الوقت قد يكون حساب كافة آثار كافة العوامل هو التصرف المطلوب..

ولكن كل مرء له هواه، مهما جنحت في وقت من الأوقات للحلول الثورية النارية، أجد نفسي أقل ثورًة ممن عُرف عنهم الفكر الثوري على طول الخطّ.. فأنا أميل للفكر المحافظ الذي يفضل التغيير بالأساليب المتاحة والتي في الأساس تعتمد على المنهج الدعوي أكثر من المناهج الثورية التي تريد في معظم الأحوال أن تقلب "الترابيزة"..

ولذلك لم أكن ممن توقعوا الثورة على الإطلاق، بل لم أفكر فيها حلًا لما نعيشه من ظلام واستبداد.. وكان منهجي هو الإصلاح ما استطعت، وبالسُبُل المتاحة الموجودة وإن ضُيّقَ عليّ.. فسيأتي من بعدي من يكون خيرًا مني وأقوى على التغيير.. على ذات المنهج.. وتكون دائرة تأثيره أوسع.. وأوقع.. فيغيّر ويتغيّر.. لذا ظننت دومًا أني قد لا أرى نصرًا مبينًا في حياتي ولكن يكفيني أن أرى من الناس من يمضي على المنهج الصحيح.. ليس منهجي أنا طبعًا ولكن المنهج القويم الذي ننشده جميعًا تحقيقًا للحياة الكريمة العزيزة في الدنيا وفوزًا بجنة الآخرة..

وعلى مدار الثورة لم يكن تفاعلي مع الثورة هو التفاعل الثوري المنشود ككثيرٍ ممن عرفتهم - وهم أفاضل - ربما لأن تكويني ليس ثوريًا.. بل أميل دومًا للإصلاح..

أشهد أنني لا أجيد صناعة الثورة أو تنظيمها، ولكني أتفاعل معها بما أراه مناسبًا لي.. في كلمات أخرى: أنا أخدم ثورة "الحق" بأكثر ما أتقنه.. أيًا كان هذا الذي أستطيع إتقانه.

وربما بسبب ذلك، أرى كثير من الأحداث التي تجري بوجهة نظر "محافظة" نوعًا عن غيري، ولكني لا أنفي عنها صفة أحداث الثورة..

على سبيل المثال.. رأيت في أحداث "محيط" وزارة الدفاع ومن قبلها أحداث العباسية بلطجة وإجرام غير مسبوق على إخواني المعتصمين إذ شهدَ لهم الجميع أنهم لم يمارسوا العنف.. وإن مورس من قبلهم فقد قوبل بهيجان عسكري مسلح غير مسبوق راح ضحيته ما يقرب من عشرين قتيلا ومئات الجرحى.. نسأل الله تعالى الرحمة لقتلانا - نحتسبهم شهداء عند الله - ولأهلهم الصبر ولمصابينا الشفاء العاجل ولمعتقلينا أن يُردّوا إلى أهاليهم ردًّا جميلا..

وما اعتقدت أبدًا أنهم مارسوا ما يمكن تصويره أنه تهديد لأمن مصر القومي، أو تهديد أمن المواطنين في الشارع.. إلا أني رأيت أن الاعتصام في ذاته سياسيًا.. خطأ.

نظرت للموضوع بنظرة محافظة - أطلق عليها موضوعية - بالمكاسب والخسائر.. ما المنتظر من هذا الاعتصام؟ يعني.. ما الذي يحدث فنعتبر وقتئذ أن الاعتصام قد نجح في أهدافه؟ هل متوقع أن يسقط حكم "العسكر" بهذا الاعتصام؟.. أم أن المتوقع وبخبرة عام ونصف أن ينتهي دومًا بأحداث مؤسفة، يذهب ضحيتها العشرات - نحتسبهم شهداء بإذن الله - ولكن على الأرض لا نجد مغْنمًا واحدًا..

أنظر للأحداث فأقول، مالنا وقد رضينا بانتخابات رئاسية تحت حكم المجلس العسكري أن يفرق عنّــا فصيل أو فصيــلان ليصرّوا على حلول لم نجد منها نفعًا.. خاصًّة أن زخم تأييد الشعب المصري للثورة.. بَهَت..

جو الثورة "اللذيذ" الذي كان يجذب المصريين قبل ذلك لإسقاط حسني مبارك ذهب بغير رجعة.. الناس تفرقت فصائل كثيرة.. والحال ليس كما كان في بداية الثورة..

أنظر لمصر فأقول أن مصر ثقيلة جدًا.. دولة ثقيلة تجذّر فيها النظام وتفرّع وتشرّع أكثر مما نعتقد أنه يمكن أن يزال كل ذلك.. بثورة..

نظرت فرأيت أن بتر النظام الفاسد كله لا يأتي إلا بثورة أتاحت لنا انتخابات حرّة شفّــافة نزيــهة تضمن لنا أن من سيأتي لسُدّة الحكم سيكون من اختيارنا.. وبذلك تستمر مسيرة الإصلاح..

أو..

فضّ فكرة الانتخابات الرئاسية، والقتال مع "العسكر" إلى غير رجعة.. ولكن بغير زخم شعبي كافي، فنرسل أبنائنا مئات وراء مئات فيُقتلون..

أو..

ثورة جديدة شعبية كاملة ووقتئذ تتغير كل الحسابات..

وفي النهاية أقول.. لا بديل عن منهج الإصلاح.. مفعوله بطئ جدا.. ولكنه فعّــال على المدى البعيد..

أسأل الله السداد في القول والعمل لنا جميعًا..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق