الجمعة، نوفمبر 16، 2012

الإمام أحمد والخباز..

رُويت قصة عن الإمام أحمد بن حنبل أنه كان في سفر لأحد البلدان، فصلى العشاء بالمسجد ثم أراد أن يستريح قليلًا من السفر، فما لبث أن جاءه حرس المسجد ينهره ألا ينام بالمسجد وأن يخرج، ولم يتأثر الحارس لما قال له الإمام أنه عابر سبيل وأصرّ أن يخرج خارج المسجد، فقام الإمام رحمه الله واتكأ على عتبة المسجد، إلا أن الحارس خرج له لما أراد غلق باب المسجد وأصر ألا ينام حتى في هذا الموضع، حتى أن جرّه من رجليْه إلى قارعة الطريق..

فلما رأى ذلك خبازٌ بجوار المسجد نادى على الإمام - ولم يكن يعرف أنه الإمام أحمد - وعرض عليه أن بيبت عنده إلى الفجر..

فمدّ الإمام جسده بدكان الخباز، ولاحظ على الخباز أنه وهو يعمل لم يسكت أبدًا عن ذكر الله، فشدّ ذلك انتباه الإمام رحمه الله فسأله: أما تتعب من الذكر؟، فقال الخباز: تعوّدت عليه، فسأله الإمام: وهل تجد من بركة الذكر شيئًا؟، فقال الخباز: نعم، ما دعوت الله بدعوة إلا وأجابها لي، إلا دعوًة واحدًة لم تتحقق بعد، فقال له الإمام: ما هي؟، قال الخباز: أن أرى الإمام أحمد بن حنبل، فقال الإمام حينها: ها هو الله، أتاك بأحمد بن حنبل يُجرّ من رجليْه إلى مخبزك.

القصة كما رواها الشيخ العريفي بالرابط: قصة الإمام أحمد بن حنبل والخباز - محمد العريفي.

فوائد:

- فضل الذكر على أهله، وكيف أن ذكر الله بحق يجعل المؤمن في معية الله.
- مقام الإمام أحمد بن حنبل، حتى أن الخباز دعا الله أن يراه..
- لما نَهَر الحارس الإمام بالمسجد، لم يقُل له الإمام: أما تدري من أنا؟ كيف تفعل ذلك بعالم مثلي؟ بل قال له: أنا عابر سبيل، وكأنه يذكره أنه عليه إكرام عابر السبيل. فانظُر إلى خلق الإمام رحمه الله واستغلاله للموقف في الدعوة.
- رغم علم الإمام إلا أنه سأل الخباز عن ثمرة ذكره، وهل الإمام لا يدري ما ثمرة الذكر؟ بالتأكيد هو يعملها، ولكن هذا الموقف يعلمنا أن الكبار من العلماء يتحرّون العلم في كل موقف، ويتعلمون من الناس كلها.. لم يأنف الإمام أحمد أن يعلم من الخباز الثمرة التي ينتفع بها من الذكر..

رزقنا الله العلم ونفعنا به، وباعد بيننا وبين الكِبر والعُجب كما باعد بين المشرق والمغرب.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق