الخميس، نوفمبر 29، 2012

الشرعية والشريعة



لصق كلمة "الشريعة" بالـ"الشرعية" في مليونية الإخوان السبت المُقبل لا تبرير لها غير أنها - فقط - للحشد، أنا لا أذكر موقفًا واحدًا للإخوان المسلمين ناصروا فيه الشريعة حق نُصرتها منذ أن تولوْا حُكم البلاد، بل آذوْا الشريعة أكثر مما نفعوها - على الأقل حتى الوقت الراهن - ولا أزكّي نفسي عليهم بل أقول اللهم اهدِني وإياهم للحق، ولنصرة الشريعة الحقيقيّة، ويارب عافني وإياهم من التملق بها وقت الحاجة ثم المراوغة عنها لأمور السياسة.

فقط، أراد الإخوان أن يكونوا أكثر عددًا من مليونية رافضي الإعلان الدستوري، فألصقوا كلمة "الشريعة" ليُجرّ لمليونيّتهم من لا يدري عن الأمر شيئًا غير أن يقال له: أن "الشريعة" في خطر، ولا أدري أي خطر يخشاه الإخوان على "الشريعة" إذا كان الدستور بيدهم، وهم من يصوّغون - أو صاغوا - دستور البلاد الذي هو من المُفترض "بما لا يخالف شرع الله".

إن حشدَ السبت المُقبل لا علاقة له بالشريعة، وهو فقط استعراض قوة للتيار المؤيد للإعلان الدستوري وعامل محفّز جديد للانقسام والفُرفة، والرئيس مُرسي يزكّي كل فترة انقسام الشعب بخطبه الموجّهة فقط لأنصاره، ولا أساوي بينه وبين القذافي ولكن واقع الأمر أن هذا ما كان يحدث منه حين ارتفعت حدّة الاحتجاجات بليبيا أن كان يخطُبُ في أنصاره فقط، رافضًا الاعتراف بالاحتجاجات أساسًا.

أخشى على الرئيس مُرسي من تغيّرات النفس الإنسانيّة، وأخشى عليه من خطبه التي يلقيها بين أنصاره، وأول هذه الخطب كانت خطبة الاستاد التي أجد ارتياحًا كبيرًا في وصفها بالفاشلة شكلًا وموضوعًا وأثرًا عليه هو شخصيًا قبل أن تكون على شعبه.. هو بشر، وطبيعي إن خرج إنسيٌّ يخطب في جموع الناس كلها بلا استثناء تهلّل لكل ما يقول أن تتغيّر نفسه وتظنّ في نفسها أمرًا، لا أسيء الظن بمُرسي وإنما إنكار محاولة الحشود التي تُحشد له "فَرعنته" هو - في رأيي - مغالطة واضحة.

على الرئيس مُرسي أن يخرج من الدائرة الصغيرة، وأن الناس لن يقدّروا ولائه العاطفيّ والوجدانيّ للإخوان، فلن يتفهّموا أبدًا توجيه كل خطبٍة له لأهله وناسه.

وأن تبرير البعض لتصرفاته وتصرفات جماعة الإخوان لن يستمرّ طويلًا، وإلا مسَّخ أكثر مما هو ماسخ.

وأنه يوجد من الناس من يفرّق بين "شرع الله" الحقيقيّ، والتمسُح بالشريعة وقت اللزوم.

في النهاية، نحسب كل الناس على خير، وإلا إن كنا لا نحسبهم على خير ما استهْلكنا أنفسنا في ردّ الظُلم، أو تصحيح المسار.. نأمل من الله تعالى أن يتحلى "الجميع" بروح المسئوليّة، لأن الكل سيُحاسب أمام الله في الآخرة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق