الاثنين، أبريل 15، 2013

متلازمة الفشخرة!



بعد نكسة يونيو 67، دخل الشعب المصري في حالة من الكآبة والإحباط خاصًة بعد ما كان يظُن في جيشِه أنه الجيشَ المغوار الجبار الذي سيرمي إسرائيل في البحر، وكان سبب ذلك في الأساس نجاح إعلام نظام عبد الناصر الذي أُحيل إليه المسئولية الكاملة عما حدث بالحرب ومن بعده مسئولي الجيش المصري حينذاك.. إلا أنه وبعد الحرب لم يستسلم عبد الناصر وحاول إفاقة جيش مصر العتيد من غيبوبته وبالفعل بدأت حرب الاستنزاف وبدأ وضع الخِطط التي فيما بعد مهَّدت لحرب أكتوبر 73 التي يُنسَب شرفُها للرئيس السادات - رحمهم الله جميعًا - ثم للأسف ضيَّع شوكتها باتفاقية كامب ديفيد فيما بعد.

المهم، أن الفضل يُنسَب دائمًا للسادات وحده بحُكم أنه كان رئيس الجمهورية في هذا الوقت وهو صاحب قرار الحرب بدايًة ونهايًة، ولل\أسف نصيب حرب الاستنزاف وما تبعها من استعدادات الجيش المصري للحرب يُهمَل، والقائمون على ذلك لا تجد لهم ذيعًا ولا صيتًا في التاريخ إلا للمحقِّقين والدارسين. 

أسأل الله تعالى أن يجزيَهم عنا خيرًا، وأن يكون قد كُتِبَ لهم الإخلاص فيما عملوا..

القضية هنا أن التاريخ، شاء أم أبى.. ينسِب الفضل في الأمر لمن حدث في وقته الإنجاز، ولو كان جاهد في ذلك من قبله أناسٌ لعقد طويل من الزمن. وحتى لو كان ذلك "المحظوظ" في هذا الوقت ابن ناس كفاية ألا ينسب لنفسه الفضل كله في الأمر فإن من حوله من المطبِّلاتيَّة يسعون لنسب الفضل كله إليه إما تقربًا إليه أو لحسًا لحذائه بحُكم العادة ليس أكثر.

حسني مبارك لما تولى الحكم اهتم بالبنية التحتية في معظم الأحوال، ومن ثمار ذلك مشروع مترو الأنفاق ووسائل النقل المتعددة.. ما افتُتِح في عهد مبارك نال الصيت كله ونُسِب الفضل في ذلك كله لمبارك، بل جاوز ذلك المدى أن نسبوا حرب أكتوبر - نفسها - له هو بدلًا من السادات - الذي كان يتربَّع على عرش المديح وقتها لا غيره - بحُكم أن الرجل صاحب الضربة الجوية الأولى وشارك في الحرب وإلى آخر هذا الحديث المُمِط والمُمِل.. 

كنت أظن أنه ومع يقين النظام الحاكم بقوة التكنولوجيا وأن التاريخ لم يعُد حِكرًا على قارئي كتب هيكل وغيرهم من أبواق السلطات في كل الأوقات، أنه لن يعيد مثل هذه الزلات من جديد، فينسب لنفسه ما لم يساهم فيه، لم يساهم فيه بتاتًا.. إلا إذا اعتبرنا أن ترك الإنجاز يُنجَز من غير عائق إنجازًا.. 

وإن كانت المصادر ليست الرئاسة الرسمية، تشُن حملات الإخوان حاليًا نسب تصنيع أول مترو في مصر أنه بداية النهضة، ومن هنا نجد أن الثقافة هيَ هيَ لم تتغير.. 

تستعجب أنه وبرغم من علم الجميع أن الجميع بإمكانه بنقرة بسيطة معرفة أصل وفصل الأخبار، برغم ذلك يستفحلون في ضرب الأخبار ونسب الإنجازات لذويهم كذبًا فقط لنيْل أي تأييد شعبي، ربما لأن الانتخابات البرلمانية آتية لا محالة مهما حاولوا تأجيلها!

مشروع المترو المصري هو - مبدئيًا كده - ليس تصنيعًا مصريًا على الإطلاق، فعربات المترو ومسلتزماتها كلها من تصنيع شركة ميتسوبيشي، وشركة كينكي شاريو، وشركة توشيبا.. فقط سيتم التجميع هنا في مصر على يد شركة مصرية،

تفصيلًا اقرأ الرابط من شركة ميتسوبيشي: 

http://www.mitsubishicorp.com/jp/en/pr/archive/2010/html/0000010933.html

The contractual scheme has Mitsubishi Corporation acting as main contractor, with Kinki Sharyo in charge of manufacturing car body and bogies, and Toshiba supplying electrical equipment. The assembly work for Line 3 Phase 2 will be carried out by an Egyptian rolling stock manufacturer

فضلًا، فالتعاقد على هذا الأمر كان وقت حكومة الدكتور نظيف، يعني أيام مبارك..!

وبالتالي فإن كان فضلٌ يُنسَب إلى الرئيس مرسي أو إلى من كان في الحكم من قبله - المشير طنطاوي - ففقط يُنسَب له أنه لم يعطِّل المشروع.. وهذا في رأيي شئ منطقي وبديهي! اللي يعطَّل حاجة زي كده من غير سبب وجيه يبقى رِمَّة الصراحة ده مشروع قومي! يستحي المرءُ أن يمضي في هذا الهطلِ حديثًا..

يعني المترو مش مُصنَّع في مصر ولا حاجة، ده متجمَّع بس.. وده كويس.. بس يقولوا كده من الأول،

وأصلًا التعاقد على الموضوع ده ابتداءً تم وقت نظام حسني مبارك البائد..

ومن هنا، يتبيَّن.. أنه حتى لو لم تعلن المؤسسة الرسمية الحاكمة أن الإنجاز يُنسَب لها رسميًا، فإن من بين أبنائها المؤيدين من يبادر.. وللأسف، قد يتولى هذا الابن منصبًا حكوميًا رفيعًا يلتقط فيه مذياع الإنجازات بشكل رسميّ، وهنا تُعاد كرة الكذب وأبواق النفاق من جديد..

أتمنى من الله أن يوفَّق مرسي لفعل أي شئ إيجابي لهذا البلد، للأمانة ليس من أجله هو، وإنما من أجل الشعب الذي عاش عقودًا على البؤسِ والفقرِ والجهلِ والجوعِ والمرضِ.. والكذب!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق