الأحد، يونيو 02، 2013

لعبة الأدوار والمصالح


قبل انتخابات الرئاسة، ولأن بطبيعة الحال انعدمت الشخصية المصرية تمامًا، تسابق بعضُ المرشحين لمقارنة مصر عهدِهِ بتجارب الدول المحترمة كماليزيا وتركيا والبرازيل وغيرهم.. ومن أجل ذلك سارعوا للمقارنات ولإضفاء صبغة الصداقة التِلمة مع هذه الدولة وإن أبَوْا.. وكيف أننا لسنا أقل من هذه النماذج الناجحة.

ولأن من ينتهج نهج التقليد يلمِع من مقلديه ليبرر تقليده لهم بصرف النظر عن اختلاف الظروف وغير ذلك من العوامل، سارع الأتباع برسم صُوَر صنمية لقادة تطور هذه الدول.

فإردوغان أصبح المهدي المنتظر حامل لواء الإسلام في المنطقة وباني الدولة العثمانية الحديثة، بينما لو تأملت النظر تجد أن إردوغان عَملَ لتركيا وفقط. وهذا حقه. وأن معظم تحالفات تركيا مع أعداء "الإسلام" لم تهتز في عهده إلا في موقف أو موقفين تحتم عليه أن يجيِّشَ إعلامه ضد هذه الدول ليكسب شعبية أوسع على أرضِه وعلى أرض العرب. بينما الواقع يقول أن تركيا كما هي، وتحالفاتها كما هي، وأنها لم تحِد عن الدور المرسوم لها في المنطقة قيد أنملة.

أول ما تولى الرئيس مرسي حكم البلاد، فيما يبدو أنه لم يكن قد استقر على قواعد اللعبة بعد، فبخصوص الأزمة في سوريا مثلًا، كان حديث حادًا جدًا على النظام السوري، ولم يترك مناسبًة إلا وأشار لضرورة رحيل النظام السوري وأنه يقتل شعبه.. بدايًة من زيارته لطِهران في قمة المؤتمر الإسلامي وتصريحاته بجامعة الدول العربية. بينما الآن تجد التصريحات أهدى كثيرًا.. تتطابق تقريبًا مع الرؤى الروسية (أكبر داعمي النظام السوري هي وإيران كلٌ على قدر إمكانياته)، فالإثنان يقولان علينا أن نحقِن الدماء ونجد حلًا نضمن فيه انتقالًا سلميًا للسلطة أو تحول ديمقراطي أو كما يُقال. هذا يتطابق كذلك - الآن - مع وجهة الولايات المتحدة الأمريكية التي أدرجت - الآن - جبهة النُصرة المقاتلة في سوريا على قوائم الإرهاب لأنها تتبع تنظيم القاعدة (وكأن أمريكا لم تُدعِم من قبل طالبان وفي طياتِها القاعدة وقت جهاد الأفغان ضد الاحتلال السوفيتي). ومن هنا تفهم أن الرئيس مُرسي علم الدور المرسوم لمصر في المنطقة، كما يعلم نِجاد ومن فوقه خامنئي الدور المرسوم لإيران في المنطقة، وكما تعلم روسيا ما عليها فِعله تجاه الأزمات في الشرقِ الأوسط، وكما يعلم الاتحاد الأوربي ما عليه فعله تجاه الأزمة في سوريا، وتقرأ إسرائيل المحصلة في النهاية مع أمريكا. 

شأن تركيا شأن هؤلاء، لها دور في المنطقة، هذا الدور يتطابق تمامًا مع الشرق الأوسط الكبير الذي ترضِعْهُ أمريكا منذ عقود.. نحن فقط من ينظُر أسفل أرجلِنا، بينما العالم كله ينظر العشر والعشرين والخمسين سنوات القادمة على هذا العالم.

لذا، فالأدوار المُوزَّعة على البيادق لا يجب أن تكون متطابقة تمامًا لبعضِها البعض، ولكن عليها في النهاية أن تتطابق مع رؤى أمة الأمم المُغذي الأعظم في هذا العالم، ولا مانع من بُهارات التصريحات كلٌ على حسب كاريزمتِه، ولكن في النهاية لن تجد موقفًاى حقيقيًا لأحد هذه البيادق ضد اللاعب الكبير صراحًة. بالأحرى مضى هذا العهد، فالقصة قصة مصالح وأذرع ملوِيَّة، و"الشاطِر" من يستحوذ على أكبر الفوائد من هذه اللعبة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق