الاثنين، يونيو 24، 2013

لازم نفوق!

بنظرِة للجانب الإيجابي الموجود في ما يحدث، يتبيَّن أنه كان علينا أن نعيَ تمامًا حقيقتنا.. كانت كل هذه الآفات بل وكنا نشتكي منها بين الفترة والأخرى، ولكن كان يكبِتُها فينا رتابة الأحداث وروتينيّتها.. فلما قامت الثورة وتداعيتها فُضِحَ كل شئ.. ولعل سبب الكآبة المبالغ فيها التي نعيشُها هذه الأيام، الصدمة! فقد كنا نرى في أنفسِنا شعبًا عظيمًا أفضالُهُ على الدنيا كلها، ولكنها الظروف والمؤامرات الخارجية التي تحاك ذد هذا الشعب الأبيّ هي "اللي جايباه ورا".. واقع الأمر أن هذا الشعب الأبي العظيم هو أكبر من حاك ضد نفسِه المؤامرات.. هو الذي تناهي في الدُنُو والكراهية والتعصُب واللامنطق والمادية والمصلحيَّة البحتة! هذا الشعب تعرَّض لإشعاعات فكرية شوَّهَت كل جميلٍ فيه إن كان موجودًا.. على مدار عقود، وكل سلبيات النفوس تتوغل فيه وتتغلغل حتى انهَرْنا على جميع المستويات.. الرسمي منها والشعبي.. حتى أن الناس نَسِيَت معنى الكرامة أصلًا.. فمع قليل من الاختبارات تكتشف ذاكرة الذبابة للشعب المصري وتجده قطاعات واسعة منه تتندَّر على ما مضى من أيام حُسني مبارك وكأنها كانت أفضل حالًا.. وواقع الأمر أن كل الأزمات كانت موجودة في عهد مبارك، والفشل كان عنوان كل الاجتهادات المصرية على المستويات الرسمية والشعبية.. إلا أنه فيما يبدو نشتاق لجلادينا ونستمتع بالقيادة الضاربة بأيدٍ من حديد في الباطِل.. فيقول جمعٌ من الناس الآن ليمسك العسكر زمام الأمور وليرمي بكل التيارات الإسلامية في السجون وليخلِّصنا منهم.. مذنبهم وبريئهم.. انظُر كيف نتمنى زوال بعضِنا البعض.. وبالمِثلِ عند الطرف الثاني يرى أن مصر ستكون في غاية الجمال والروعة والاتساق مع نفسها إن تخلصنا بالكامل من التيارات الغير الإسلامية - أي التي لا تنتمي إلى الإسلام السياسي - متناسين أنه من الصعب جدًا - جدًا - أن يفنيَ أحدُهُم الآخر.. لا لشئ له علاقة بالإنسانيات مثلًا ولكن لأن أحدهم لا يمتلك قنبلًة هيدروجينية تمحو الآخر.. وإن وُجِدت، فبالضرورة سيتم التضحية بنسبة معقولة منهم هم أنفسهم.. انظُر إلى الشعب المصري الأصيل المتدين بطبعِه كيف أصبح يتلذّذ في القتل، فلا يكتفي بالقتل فقط وإنما أصبح التمثيل بالجثث سمة عادية جدًا.. إن هذه الطباع كانت موجودة بالتأكيد من قبل ولكن الثورة فضحتها.. فقط بمجرد زوال القبضة الواهِمة - التي اكتشفنا فيما بعد أنها كانت بالونة فارغة إلا من الهواء أساسًا - عمد الناس على إظهار كل ما هو "مُتسِخ" فيهم. 

ومن هنا، كان ضروريًا أن نكتشفَ أنفسنا من جديد وعلى هذا الأساس نقيِّم أين نحن وما هو الهدف القادم، لكيلا نعلي من سقف الطموحات فنُصاب بخيبة أمل.. علينا أن نعيَ تمامًا أننا في الدرك الأسفلِ من الإنسانية بصفة عامة.. وأن تصرفاتنا أبعد ما تكون عن الدين وإن تمسَّحنا به.. وأنها أقرب ما يكون للمادية والانتهازية والمصلحيَّة، والدُنُو بصفة عامة.. لم يعُد لنا كبير في تصرفاتنا وأصبح وازع أفعالنا حيوانيَّتنا.. طبعًا، لا أريد تشويه الصورة بالكامل.. بل أريد أن أقولَ لكم أن الحقيقة مُشوَّهة أصلًا! فالصورة التي قد يلتقطها أحد البائسين لنا لا يمكن تجميلها أساسًا.. علينا أن نعرف أين نحن؟!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق