الخميس، سبتمبر 01، 2016

حكايات الشغف - مش #تنمية_بشرية :)


"في كل قصة عبرة لمن يعتبر، وعلى المرء أن يأخذ بأحسنِ ما يسمع".

---

اتباع الشغف قصة بتتحكي كتير، وكتير بيحاولوا يشتغلوا الحاجة اللي بيحبوها وكتير ظروف الحياة بتجبرهم على تغيير مسارهم المهني، فإما إنهم بيضطروا يستسلموا للظروف دي أو بيغيروا المسار مهما كلفهم ده عشان يشتغلوا في الحاجة اللي هم بيحبوها. حسين صديقي من أولى ثانوي، كان مثال للشخص المرتبط بالكمبيوتر وعالم الكمبيوتر من وهو صغير، شخصية استثنائية فيما يخص الموضوع ده. طبعًا الموضوع فيه جانب وراثي محترم، والده الدكتور عادل حسين فهمي مقدم برنامج "عالم الكمبيوتر" اللي كان بيتعرض زمان على التليفزيون المصري، وأحد الشخصيات الفريدة اللي تستحق الواحد منا إنه يقرأ عنها، ممكن تقرأ عنه - رحمه الله - في المقال المكتوب عنه في ويكيبديا هنا..

حسين في المدرس كان الـ Geek بتاع الكمبيوتر، وبمصطلحات التسويق كده تقدر تقول إنه كان عامل لنفسه branding بشكلٍ ما في المدرسة إن وجوده مرتبط بشكل كبير بالكمبيوتر والحاسوب والبرمجة والكلام ده.. في حصة معمل الكمبيوتر - اللي كان الطبيعي فيها المدرس يسيب الطلبة تلعب Games على الأجهزة الموجودة ولو طَرَش له كلمتين كده عن الـ DOS وقتها يبقى خير وبركة، الوقت ده كان حسين عنده مقدرة إنه يدي ورش عمل سريعة عن استخدامات الكمبيوتر - وقتها يا إخوانا كان تعاملنا مع الكمبيوتر هو الـ DOS وعشان كنا نكتب CD وبعدها مسافة وبعدين اسم اللعبة اللي عايزين نلعبها :) - الراجل كان عنده اطلاع بالـ Visual Basic وخلافه، مما أهله عن جدارة واستحقاق إنه يبقى إذا ذُكرت الحوسبة والكمبيوترات والكلام ده ذُكر حسين عادل فهمي :).

وعلى الصعيد الشخصي بالنسبة لي أنا وصديق لنا آخر - مصطفى - حسين كان ملاذنا الحقيقي لتفريغ شُحنات الرسم، كنا نرسم الرسومات ونديهاله يعمل لها Scan ويشتغل عليها editing ويرفعها لنا على موقع على الانترنت - كان هو اللي عامله ومخططه شافي مشفي - ولفترة من الفترات كان الموقع ده بيمثل لنا إحنا الثلاثة حلم، بالنسبة لي شخصيا كنت بنشكح جدًا لما بشوف الرسومات مرفوعة ع الشبكة النكبوتية، وكنا وصلنا لمرحلة حلوة إننا بنعمل فيديوهات تعريفية بالموقع وشغل عالي. للأمانة 80% من الشغل ده كان حسين، إحنا كنا بس بنرسم على الورقة ونديهاله. كان بيعمل الحاجات دي - أظن يعني - عشان كان بيستمتع بالشغل ده جدًا، والأهم من ده إن ده كان إطار لصداقتنا لفترة طويلة، أسست لصحوبية استمرت لحد دلوقتي وربنا يبارك فيها..

دخلنا بقى ثانوية عامة ودروس ثانوية عامة والهم اللي ما يتلم ده، كنا بناخد درس العربي والفيزيا سوا.. وكنت بروح له كتير جدًا في بيته، وشوف يا مؤمن يعني كان عندي انترنت في البيت وكل حاجة، بس زي ما قلت فوق كده الراجل ده كان مصدر كل ما هو جديد في الانترنت والكمبيوتر بصفة عامة بالنسبة لي.. وكتير أروح له عشان بس نلعب سوا فيفا مالتي بلاير ضد الكمبيوتر، ويخرب بيت الفرحة لما نكسب الكمبيوتر ويخرب بيت الإحساس بالمؤامرة الكونية الكبرى لما نخسر قصاده :)

حسين كان بيعتبرني الأرشيف بتاعه، بيحكيلي القصص اللي بيخش فيها على مختلف الجوانب والنواحي، 

تُوُفي والد حسين وإحنا في ثانوية عامة سنة 2002، وأظن دي كانت مرحلة مهمة جدًا في حياته.. والده كان من أكتر الناس اللي أثرت في شخصيته وخلت عقله ناقد ومحلل لكل حاجة حواليه. حسين مش شخص عايش كده بيعيش الأحداث اللي بتحصل مفيش حاجة، لأ! ده له تحليلات وتوقعات وانعكاسات لكل حاجة بتحصل بشكل عميق جدًا.. أعتقد إن من بصمات والده - الله يرحمه - عليه إنه يخليه يقرأ، يتفلسف في المزيكا.

حسين مكنش سميع مزيكا وخلاص، لا ده كان بيؤلف أغاني ويعزفها على البيانو اللي عنده في البيت - جيرانه كانوا متفهمين الدوشة اللي بيعملها لهم كل ليلة - لا عجب في ده طبعا! والده كان له مقالات في الموسيقى جمعها في كتابه الشيق: جاز، نهاوند وسيكا! وربط الموسيقى بالرياضيات في كتاب سماه: أصل السلالم الموسيقية. أذكر كويس إني اطلعت على الكتابين دول، خاصة الأخير. أظن لو شوفتهم دلوقتي هأكون أكتر اهتمامًا.. حسين وارث ملكة الكتابة دي من والده الله يرحمه، وله كتاب جميل عن مغامراته في أوربا اسمه: عجيب في بلاد العجائب.

خلصنا ثانوية عامة، وجت مرحلة الكلية، دخلنا سوا هندسة عين شمس العظيمة! وهنا مربط الحكاية..

مع شخصية حسين الكمبيوترية الـ Geekية الرياضية دي، إلا إنه كان بيكره الرسم الهندسي كره العمى، وما يطيقش هندسة الانتاج تماما، بعيد تماما عن دماغه.. الحقيقة أنا متفهم تمامًا، أنا كنت بحب الرسم الهندسي جدًا ولكن سكاشن الرسم الهندسي في الكلية عندنا كانت أشبه بعنابر التعذيب والمدرسين اللي كانوا بيشرحوا كان عندهم مشاكل حقيقية في التعامل، فتخيل بقى لو واحد كمان كاره المادة أكيد بالنسبة له الموضوع جحيم!

وطبعا بحكم نظام التنسيق العبقري اللي في الكلية، اللي بيودي كل واحد المكان اللي يناسبه طبعا! حسين يخيش في مادتي الرسم الهندسي والانتاج وبالتالي ما يحققش مجموع الدرجات اللي يدخله قسم كهربا اللي منه يخش على كمبيوتر.

وتنسيقه يوديه فين؟!

ميكانيكا!!

يبقى الراجل ممتاز في الكمبيوتر والبرمجيات، بس عشان هو مش كويس في الميكانيكا والرسم، فهندخله ميكانيكا!

على رأي صاحبنا علي جمال - رحمه الله -: إديني عقلك وامشِ حافي!

إنما الحمد لله رب العالمين، الرجل ربنا نجاه من الهم ده - لأنه بكل السُبُل مكنش هينفع - وانتقل للجامعة الألمانية ودخل هناك المجال اللي هو متميز فيه. وقدر هناك إنه يكون رابطة من محبي البرمجة وعمل Club لمساعدة الطلبة في الموضوع ده، وعلى حد ما كنت معاصر الـ Club ده عمل شغل كويس وكان له أثر إيجابي على دفعته في حينه.

حسين تخرج من الجامعة، وسافر درس برة، وحصل على شهادات عليا في النمسا، وكمِّل مسيرته هناك وحاليا هو ما شاء الله رجل باشا في شركة IBM اللي أول ما عرفت الكمبيوتر عرفته بالاسم ده.. كمبيوتر IBM.. هو فيها حاليا وعايش في النمسا. ومحقق نجاحات ملموسة وشغال على مشروعات لها علاقة بالاتحاد الأوربي - شُغل أجندة بقى وكلام من ده :) - واتكرم في شركته على مجهوداته فيها..

تخيل معايا لو كان حسين قال لك: "معلش ميكانيكا هندسة عين شمس أحسن، وحرام أضيّع سنة من عمري" كان هيبقى عامل إزاي دلوقتي؟ كاره المجال اللي هو فيه، أو بيحاول يحبب نفسه فيه بالعافية.. يادوبك يعدي سنين الكلية بالعافية ولو اشتغل في المجال هيتحول لموظف نمطي روتيني مفقوع، أو هيغير كاريره بقى على كبر ويشتغل في أي حاجة تانية.. طبعا، الحمد لله حسين كان معاه من الإمكانيات اللي خلاه يقدر يحول للجامعة الألمانية، وأنا مقدّر طبعا إن الإمكانية دي مش ضروري تبقى عند كل الناس.. لكن الفكرة نفسها: كتير ممكن يبقى مستخسر إنه يعيد "سنة" في حياته، فيكسل ويقرر إنه يكمل وخلاص. الحقيقة إنه بدل ما يبقى ضيع سنة، ضيع أربع أو خمس سنين كمان! لأنه قضاهم في حاجة مش بتاعته، غيره هيكون له الأولوية فيها. لأنه مهما عمل مش هيقدر يتميز في المحال، آخره يقضي المصلحة وخلاص. أهو "يقضي" أكتر حاجة سيئة ابن آدم ممكن يعملها في نفسه.

واحد زي حسين ده كتير يعتبروه دلوقت خير ممثل لمصر في الخارج - طيور مصر المغردة في الخارج والكلام ده :) - والراجل معلمش حاجة غير اللي بيحبه. أكيد فيه عوائق وبلاوي ياما واجهها في حياته - لا يتسع هذا المقام لذكرها، منها اللي كان هنا ومنها اللي قابله برة وكان أشد وأعسر - بس ده شئ طبيعي ما هي الدنيا مش المفروض تبقى سهلة وسلسة وكل حاجة فيها تشاور لها تيجي، الموضوع تطلب تعب ومجهود وسفر وإرهاق ومشاكل بتحصل ولازم يعديها عشان يكمل وهيصة!

في النهاية، حابب أقول لحسين إنه واحشني - غالبا ده الدافع الرئيسي لكتابة كل الطحن ده -، وإن شاء الله ييجي بالسلامة قريب -  في إجازة يعني مش قصدي حاجة - ونحكي كتير عن الدنيا دلوقتي وعن كل الأشياء :)

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق